كيف غزا النحل ملعب الإتحاد قراءة تكتيكية في مباراة السيتي و برينتفورد
"إنها مسألة وقت قبل أن يُصبح توماس مدربًا لنادٍ أوروبي كبير، أنا جيد في بعض الأمور، وأحدها ملاحظة المدربين الممتازين" بيب غوارديولا مصرحا بعد مباراة برينتفورد
قدم الدنماركي توماس فرانك أحد أفضل المباريات التكتيكية في البريميرليغ في السنوات الأخيرة أمام متصدر الدوري وحامل اللقب مانشستر سيتي، إذ شهدت الجولة الرابعة من الدوري الإنجليزي قمة تكتيكية بين المدرب الإسباني بيب غوارديولا ونظيره الدنماركي توماس فرانك حين استضافة السيتي لبرينتفورد على ملعب الإتحاد، إذ لطالما كانت المباريات بين الطرفين دسمة، وتجلب أنظار المحللين نظرا لقدرة فريق النحل على مواجهة المارد الأزرق في أواخر السنوات الفارطة
الخروج بالكرة و كسر ضغط السيتي :
دور ويسا البارز :
كما نعرف غالبية الناس أن مانشستر سيتي في السنوات الأخيرة يعتمد على 4-4-2 في الضغط حيث يكون هالاند ودي بروين رأس الخطة مع زيادة الجناحين من خلال ضغط مقوس لغلق زوايا التمرير.
استخدم الدنماركي حيلة ذكية معتمدا على مهاجمه ويسا، حيث يقوم الأخير بالنزول لوسط الملعب مما يجعل كوفاسيتش محتارا ما بين مراقبته أو جانلت الذي يتحرك بدهاء كبير في المساحة خلف ظهر دي بروين مستغلا بطئ وتراخي الأخير .
تبرهن الصورة التالية على ما تداولناه في الفقرة السابقة.
تمكن برينتفورد من خلق تفوق عددي على الجهة اليمنى للسيتي حيث قام ويسا بتثبيت كوفاسيتش و بذلك تقدم برينتفورد بكل سلاسة و سهولة .
عند خروج الكرة من الجهة اليمنى لبرينتفورد يتوجه لاعبو السيتي لحاملي الكرة في ضغط منطقة متقن، هنا يظهر لنا ويسا في مكان آخر ولكن بالدور نفسه، تثبيت كوفاسيتش، خلق مساحة حرة للتمرير والتقدم لزملائه، إضافة لصناعة اللعب لزملائه وظهره مقابل للمرمى. ترتب عن ذلك هجمة خطيرة لولا تدخل والكر ووعيه الدفاعي العالي.
لقد أعاد لنا توماس فرانك ذكريات برايتون دي زيربي في الخروج بالكرة بالإعتماد على لعب الكرة بلمسة واحدة حيث اعتمد الدنماركي على جنده المجهول ( لا أعتقد أنه مجهول للمتابعين التكتيكين ) ويسا و الذي قدم مباراة مرجعية للمهاجمين حينما قام بكل الأدوار في الملعب بشمولية ملفتة ( سيكون هاري كين سعيد جدا بهذه المباراة ).
قام ويسا باستدراج ستونز ولعب دور المهاجم الوهمي، في حين سيلعب لويس بوتر تمريرة من لمسة واحدة، ويتحرك عقب ذلك بدهاء كبير في ظهر والكر حينها سيعكس له ويسا الكرة في المساحة الفارغة كما هو مبين في الصورة الثانية ، سيكون براين مبيومو ينتظرهم لإنهاء الهجمة بدور المهاجم، لقد كادت أن تحدث هذه العملية أحد أفضل أهداف الجولة من مبيومو بمقصية.
حارس يلعب بالقدم و أظهرة تفتح عرض الملعب :
لم يقف الدنماركي على حل واحد، لقد دمر ضغط السيتي بطرق مختلفة (أظن أن توماس فرانك أكثر مدرب خدمه التوقف الدولي) حيث نوع في أساليب كسر ضغط السيتي سيكون نجومنا في هذه الفقرة دون التقليل من البقية طبعا الحارس الهولندي فلييكن والظهيرين (حسب الخطة) الدنماركي أير و الإيرلاندي كولينز.
في كل مرة كان فريق بيب ينتقل من الضغط المتوسط إلى الضغط العالي عندما تعود الكرة إلى الدفاع/حارس المرمى كمحفز للضغط سيتحرك دي بروين إلى نورجارد، سيحاول المحوران أيضا منع أي تقدم بالكرة من الوسط، سافيو سيذهب ناحية جانلت، جاك جريليش سيذهب إلى فان دن بيرج، بينما يقطع هالاند الممر على بينوك، مما يجبر فليكين على التوجه إلى منطقة محاصرة أو تمريرة طويلة.
للخروج من هذه المصيدة إعتمد الدنماركي أساسا على حارسه فلييكن الذي يجيد لعب الكرة بقدميه لإرسال تمريرة دقيقة طولية لكولينز مستغلا سوء عودة دي بروين و سافيو للتغطية الدفاعية .
سيجعل هذا الموقف كوفاسيتش في حيرة و هو ما أظهرته لغة جسده في هذه الصورة .
في سياق اخر أعاد فلييكن نفس العملية و لكن هذه المرة من جهة اير لقد تفنن توماس فرانك في إستخدام الأظهرة للخروج بالكرة .
أحدثت هذه العملية بناء سلس وخروج ممتاز للكرة حيث طبق بعد ذلك برينتفورد أحد مبادئ اللعب التموضعي وهو مبدأ الرجل الحر أو الرجل الثالث، فبعد الخروج من الضغط وتحويل الكرة للجهة المقابلة سيتوجه أير للأمام كظهير مهاجم.
ضغط برينتفورد العالي :
استخدم برينتفورد ضغطاً عالياً غير متوقع على مان سيتي حيث نجح طيلة 20 دقيقة الأولى حينما أخذ نورجارد كوفاسيتش، دامسغارد سيأخذ غوندغان ، سينزل كولينز مع كيفن دي بروين، سينزل أيضا بوتر لمنع سافيو من أخذ الكرة، سيترصد كل من جانلت التمريرة الطولية عند نزولها لوالكر من قبل إيدرسون، سيتابع ويسا ستونز عند وصول الكرة له ، بينما سيقطع مبيومو الممر على أكانجي.
لحل هذه المشكلة إعتمد الإسباني على حارسه إيدرسون بلعب تمريرة طويلة لمهاجمه النرويجي هالاند وهذا ما حدث في الهدف الثاني أيضا سعى لإدخال ستونز مع كوفاسيتش وتوسيع الملعب بالأظهرة .
مساندة سافيو في بناء اللعب ووعي لويس بوتر بالذهاب مباشرة له .
معالجة غوارديولا للوضع في الشوط الثاني و سر تغيير غفارديول و رودري :
في شوط المباراة الثاني تدارك غوارديولا الوضع وأجرى بعض التعديلات أولها شكل الضغط حيث إعتمد على شكل 4-2-3-1 ودخول غفارديول الذي ساهم بوعي تكتيكي كبير في كبح عملية التمرير الطولي لأير إضافة لسحق عملية ويسا (مبيومو بعد إصابة ويسا) و كولينز وذلك بتراجع سافيو إلى العمق، على نفس مستوى كولينز تقريبًا ، بينما قطع هالاند (غوندوغان في هذا المثال) خيارات التمرير الخاصة ببينوك أو فان دن بيرغ ، تابع دي بروين نورجارد لمنعه من استلام الكرة، أغلق رودري و غفارديول على محاور برينتفورد بضغط خانق، مع استعداد أكانجي للتدخل كمدافع إضافي في الخط الخلفي.
يتحرك غفارديول بوعي كبير في اتجاه أير ويمنع عملية البناء، لقد أشركه غوارديولا لهذا الدور وأظن أن غفارديول أكرم مدربه بأداء رائع لكبح عملية البناء .
لقد طبق توماس فرانك جميع مبادئ اللعب التموضعي أمام أحد أباطرته إضافة لتحضير جيد لكل مراحل اللعب الأربعة إلى جانب الكرات الثابتة، والتي كانت كالصداع كما وصفها غوارديولا بعد المباراة " الكرات الثابتة؟ كل ركنية هي صداع. كل رمية تماس؟ في الثلث الأخير هي صداع. كل ركلة حرة؟ كل قسم وكل الأشياء التي يفعلونها في الملعب، لديهم مدرب خلفهم."
في المجمل لقد قدم توماس فرانك مباراة تكتيكية مرجعية أمام أحد أفضل فرق العالم ومدرب يعتبر الأفضل بين أقرانه بل تفوق عليه تكتيكيا طيلة شوط مباراة، وربما أكثر الكلام تعبيراً عن هذا هو الإنصاف والإشادة التي نالها من غوارديولا حيث أسهب الأخير في مدح توماس فرانك خلال المؤتمر الصحفي بعد المباراة:
" أنا من أشد المعجبين بتوماس فرانك. طوال السنوات الـ8 أو الـ9 لي في إنجلترا، لم أشاهد فريق لعب أمامنا كما لعب برينتفورد في أول 23 دقيقة ويجب أن أعطي الفريق حقه، في كل مرة كانت معهم الكرة، نجحوا بصناعة الفرص، كان يُمكن أن تُصبح النتيجة 2-0 أو 3-0."
"إنهم جيدون في الضغط العالي. إنهم جيدون في الكرات الطويلة والكرات الثانية. إنهم يدافعون بعمق شديد، مما يسمح لهم في الخروج بالكرة من المساحات التي في العمق. التحولات مع ويسا ومبيومو، إنهم جيدون جدًا جدًا.
في الموسم الماضي كانت الكرات الطويلة تذهب إلى إيفان توني فقط، أما هذا الموسم لا. هذا الموسم يلعبون تمريرات قصيرة، ويمررون الكرة، ويتحركون نحو العمق والأطراف، وبعد ذلك يكونون سريعين للغاية. "
"إنها مسألة وقت قبل أن يُصبح توماس مدربًا لنادٍ أوروبي كبير، أنا جيد في بعض الأمور، وأحدها ملاحظة المدربين الممتازين"